بالرغم من نزعتي الراديكاليه وتعاطفي مع جميع الثورات الثقافية في العالم فإنني مضطرٌ أن أرفع قبعتي ليديك البورجوازيتين... المصنوعتين من الذهب الخالص.. مضطرٌ أن أعترف بنعومتها القصوى وأنوثتها القصوى.. وسلطتهما المطلقة على الماء والنبات والحجر والبشر.. ومضطرٌ أن أعترف بفضلهما على حضارة الإغريق وحضارة الفراعنه وحضارة ما بين النهرين. ومضطرٌ أن أعترف بذكائهما حين تتكلمان وبعمقهما حين تصمتان وبحضارتهما... حين تمسكان إبريق الفضه وتسكبان الشاي في فنجاني... يداك أرستقراطيتان.. بالوراثه كما الزرافة ممشوقةٌ بالوراثه وكما البلبل موسيقيٌ بالوراثه وأنا... لست ضد يديك.. المرفهتين.. المدللتين.. ولا أفكر – حين أكون معهما- بأي مشاعر طبقيه... فأنا لا أخلط أبداً.. وبين ما أعتقد أنه جميل.. بين الأيديولوجيات التي ألمسها بذهني والأيديولوجيات التي تنقط حليباً وعسلاً في راحة يدي... بين روعة المبادئ وروعة يديك المليستين كأواني الأوبالين وزجاج (غاليه)...
يداك ملوكيتان.. وأنا لا أعرف كيف أجلس على طاولة الملوك وما هي اللغة المستعملة في مخاطبة الملوك إنني لم أعشق في حياتي مليكةً غيرك.. ولم أتورط مع امرأةٍ.. من صاحبات الدم الأزرق سواك... فأنا واحدٌ من أفراد هذا الشعب قلبه ينبض كتفاحةٍ حمراء وأنفه يشم رائحة الأنثى بصورةٍ بدائيه... فعلميني.. كيف أكون مهذباً مع يديك المهذبتين.. علميني كلمة السر التي توصل إلى كنوز يديك وعلميني كيف أستعمل ملاعق الفضه وكيف أتسلق السلالم العاجيه وكيف أسند رأسي.. على المخدات المصنوعة من القطيفة وريش العصافير يا ذات اليدين اللتين تربتا في العز والدلال علميني ماذا أقول لحرسك؟ حتى يسمحوا لي بالدخول إلى قاعة العرش لأقدم ولائي لأصابعك الخرافية التكوين وأتلو صلواتي أمام أغلى شمعدانين من الفضه في تاريخ الكنائس البيزنطيه....
يداك مثقفتان كثيراً.. وأستاذتان في علم الجمال وأذاكر جميع دروسي وأدخل جميع امتحاناتي وأنال جميع شهاداتي برعايتهما، وحنانهما، ودعواتهما الصالحات فيا ذات اليدين اللتين أدين لهما بكل ما أعرف لا تخبري أحداً.. أن يديك هما مصدر ثقافتي..
زرت متاحف الدنيا من اللوفر، إلى المتروبوليتان، إلى البرادو ورأيت أروع الأعمال التشكيليه ولكنني لم أشاهد منحوتةً بهرتني أكثر من يديك...
يداك مخطوطتان عربيتان نادرتان وكتابان .. ليس لهما نسخة ثانيه فلا تسحبي يدك من يدي حتى لا أعود أمياً... يداك أميرتان من العصر الوسيط تركبان عربةً من الذهب فمتى يصبح النظام في وطني ديمقراطياً لأتمكن من مصافحة الأميرتين؟
لو أن يديك تترددان على المقهى كل يوم لتركوا فناجين قهوتهم وشربوا يديك...
يداك سحابتان ربيعيتان لولاهما.. لمات العالم عطشاً...
0 التعليقات:
إرسال تعليق