.

google-site-verification: google3f17a5111aec7d77.html

مدن على مرافئ الحبر . الجزء الاول

مدن على مرافئ الحبر . ( 01 ) 

بعض المدن خُلقت لتُكتب ، مكانها في الكتب أكبر من مكانها على الخرائط، هكذا شاء لها الأدب .
كما النساء المعشوقات ، هي ليست دائمًا الأجمل ، لكنّها ضربة حظّ ، أن يولد كاتب كبير في مدينة ، أو يتقاطع قدره معها . 
كما يصنع العشّاق أساطير حبيباتهم ، يصنعُ الكُتّاب من مدينة أو قرية أو حيّ. . أو حتى بناية ، أسطورتهم ، فيخلقون لدى القارئ ذلك الفضول الآسر لاقتفاء آثارهم خارج الكِتاب ، والمشي بخطى الحنين في مُدن تقيم على مرافئ الحبر .
إنّه شيء شبيه بفضولنا ، أمام قصائد كبار العشّاق . نريد أن نرى " عيون إلزا " دون كحل ، بعيوننا لا بعيون أراغون، ونتأكّد من طول ضفائر بلقيس بمقياسنا المتري ، لا بمقياس نزار الشعريّ . نودّ لو ابتسمت الموناليزا لنا، لنجد شرحًا لأسطورتها وانبهار فرشاة ديفانتشي بها ، وأن نحتسي فنجان قهوة مع محبوبة بوشكين ، أن نتبادل معها أطراف الحديث ، لنتأكّد ممّا شاع عن سطحيّتها وعدم اهتمامها بالشعر، عسانا نعثر على سرٍّ ما ، يُبرّر موت بوشكين أكبر شعراء روسيا.. في مبارزة دفاعًا عن حبّها !
ذلك أنّنا نُقاسم الشعراء معشوقاتهم ، وننتمي مع الروائيّين إلى مدنهم، ولنا مع كُتّابنا المفضّلين حياة افتراضيّة في كِتاب . لنا نساء نواعدهُنّ معهم ، وأَسرّة ننام فيها بمحاذاتهم ، ومقاهي نرتادها في انتظارهم ، وشوارع تحتفي بخطانا ، وأخرى تخذلنا . لنا أصدقاء خسرناهم ، وشهداء بكيناهم ، كما لو كانت لهم قرابة بنا ، وأبطالاً في روايات أصبحوا أقرب لنا من أهلنا . لنا كلمات كأنّها سُرقت من أفواهنا، وحكايات وكأنّما هي تلصّص على أسرارنا . ثمّة كتب خُطّ حبرها من فصيلة دمنا، إلى حدّ يُجيز لنا رفع دعوى على الكاتب . . لأنّه لم يضع على الغلاف مع اسمه اسمنا
شاركه على جوجل بلس

عن toofy

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق