محمود درويش نمشي على الجسر |
تُصابين مثلي , برحلةِ طَيْرٍ ويحدُثُ ذلك بعد الظهيرةِ , حيث تقولين : خُذْني , إلى النهر يا أَجنبيُّ , إلى النهر خذني فإن طريقي على ضَفَّتَيْكَ طويلُ ونُصغي إلى ما يَقُولُ المُشَاةُ على الجسر: ((لي عَمَلٌ آخرٌ غيرُ هذا , ((ولي مقعدٌ في السفينة ((لي حصَّةٌ في الحياة ((وأَمَّا أَنا , فعليَّ اللحاقُ بمترو الضواحي ((تأخَّرْتُ موعد الساكسفون , وَلَيْلي قليلُ ونصغي إلى ما بنا من حنينٍ خفيّ إلى شارعٍ غامض: لي حياتي هناك حياتي التي صنعَتْها القوافلُ وانصرَفَتْ’ وهنا لي حياتي على قَدْر خبري وأَسئلتي عن مصير يُعَذِّبُه حاضرٌ عابرٌ , وغَدٌ فوضويٌ جَميلُ صدىً للصدى , أَيُّنا قال هذا الكلام , أَنا أَمِ الأَجنبيَّةُ ؟ لا أَحد يستطيعُ الرجوع إلى أَحد . تصنع الأَبديَّةُ أَشغالها اليدويَّة من عمرنا وتُعَمِّرُ... فليكُن الحُبُّ ضرباً من الغَيْبِ , وليكُنِ الغيبُ ضرباً من الحُبّ . إني عجبتُ لمن يعرفُ الحبَّ كيف يُحِبُّ ! فقد يتعَبُ الحُب فينا من الانتظار ويمرَضُ , لكنَّهُ لا يَقُولُ لدى غدنا ماسيكفي من الوقت , يكفي لنمشي على الجسر عَشْرَ دقائقَ أُخرى , فقد نتغيَّرُ عما قليلٍ وننسى ملامح ثالثِنا / الموتِ , ننسى الطريقَ إلى البيت قرب السماء التي خذلتنا كثيراً , خذيني إلى النهر , يا أَجنبيَّةُ قد نتغيَّر عمَّا قليل . وقد يحدثُ المستحيلُ كما في الكتابة يأتي الضروريُّ في حينه قمراً أُنثوياً لملء فراغ القصيدة . لا تتركينى تماماً , ولا تأخذيني تماماً. ضعي في المكان الصحيح الزمانَ الصحيح . فأنتِ السبيلُ وأَنتِ الدليلُ بلاد حقيقيَّةٌ , لا مجاز , ذراعاك حولي ... هنالك قرب الكتاب المُقَدَّس أَو ههنا أَيُّنا قال : قد تحفَظُ اللغةُ الأَرضَ مما يُلِمُّ بها من غيابٍ إذا انتصر الشعرُ ؟ مَنْ قال منا : سأنس , وأَغفر للقلب أكثر من خطأ واحد ’ كلما طال هذا الرحيلُ... |
- تعليقات بلوجر
- تعليقات فيسبوك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق